1 قراءة دقيقة
الحلقة السابعة

             شروط عقد الزواج والشروط الملحقة به وأحكامها

           شروط عقد الزواج الأساسية (شروط الصحة واللزوم)


 تتوقف صحة عقد الزواج وشرعيته على توافر شروط أساسية، وإذا فُقد أحدها، يصبح العقد باطلاً أو فاسداً، مما يجعله غير منتج لآثاره الشرعية. 
1. شروط الانعقاد :
وهي الشروط التي يقوم عليها العقد وتتعلق بذات المتعاقدين وطريقة إبرام العقد: 

  • الإيجاب والقبول: هما الركنان الأساسيان لأي عقد، وهما اللفظان الصادران من المتعاقدين أو من يمثلهما. يجب أن يكونا منجزين وغير معلقين على شرط مستقبلي، وأن يكون القبول مطابقاً للإيجاب تماماً.

  • أهلية العاقدين: يجب أن يكون كل من الزوج والزوجة عاقلاً بالغاً مختاراً. فالجنون والصبا يُعدّان من موانع الأهلية.

  • تحديد الزوجين: يجب أن يكون كل من الزوج والزوجة معلوماً ومحدداً بشكل لا يترك مجالاً للجهالة.

 2. شروط الصحة:
 وهي الشروط التي يجب أن تتوافر ليصبح العقد صحيحاً ويترتب عليه آثاره: 

  • الولي في النكاح:

رأي الجمهور (المالكية، الشافعية، الحنابلة): يرون أن الولي شرط أساسي لصحة العقد، ولا يصح عقد النكاح بدونه. استدلوا بحديث: "لا نكاح إلا بولي". يعلل هؤلاء الفقهاء رأيهم بأن الولي هو صمام أمان للمرأة من الوقوع في غرر أو خداع.

رأي الحنفية: يرون أن المرأة البالغة العاقلة الرشيدة لها الحق في تزويج نفسها، ولا يشترط إذن الولي، واستدلوا بأن لها أهلية التصرف في مالها، فلها الأهلية في التصرف في نفسها.

الترجيح والتطبيق المعاصر: في العصر الحديث، تُعقد مجالس الزواج في المحاكم الشرعية أو الجهات الرسمية، مما يضمن وجود الولي الشرعي أو من يقوم مقامه، ويجمع بين رأي الجمهور (الولاية) ورأي الحنفية (عدم التعسف).

  • الشهادة على العقد:

اتفق الفقهاء على أن الإشهاد على عقد الزواج شرط لصحة العقد عند الجمهور، وذلك للإعلان عن العقد وتمييزه عن السفاح، وحفظ الحقوق.

  • خلو الزوجين من الموانع الشرعية:

يجب أن لا يكون هناك ما يمنع شرعاً من الزواج، مثل: قرابة النسب، المصاهرة، الرضاع، أو أن تكون المرأة في عدة.

  • المهر:

هو حق واجب للمرأة، وهو ليس شرطاً لصحة العقد عند جمهور الفقهاء، بل هو أثر من آثاره. ولكن يجب تسميته في العقد، وإن لم يُسمّ، يصح العقد وللمرأة مهر المثل.

  • الشروط الملحقة بعقد الزواج :  
    تُعدّ نظرية الشروط الملحقة في الفقه الإسلامي من أعظم ما يميزه من مرونة وقدرة على التجديد. هذه الشروط هي التي يضعها أحد الزوجين أو كلاهما في العقد، ولا تتعلق بصحته، بل هي شروط إضافية تهدف إلى تنظيم الحياة الزوجية أو حفظ حقوق أحد الطرفين. 
    1. أنواع الشروط الملحقة وتطبيقاتها المعاصرة يمكن تصنيف هذه الشروط إلى:

  • شروط تزيد من حق المرأة: مثل اشتراط عدم الزواج عليها (تعدد الزوجات)، أو أن لا يخرجها من بلدها، أو أن لا يمنعها من إكمال دراستها أو عملها.

  • شروط تزيد من حق الرجل: مثل أن لا تطلب الزوجة منه نفقة زائدة، أو أن توافق على العيش مع أهله.

  • شروط تمنع من حق شرعي: مثل اشتراط عدم الإنجاب أو اشتراط ألا يكون هناك وطء.

 2. أحكام الشروط الملحقة في ضوء الفقه الإسلامي

المبدأ الحاكم لهذه الشروط هو القاعدة الفقهية: "المسلمون على شروطهم، إلا شرطاً حرم حلالاً أو أحل حراماً". (رواه الترمذي). 

منهج الحنابلة: يوسعون في معنى القاعدة، ويرون أن أي شرط ليس فيه تحليل حرام أو تحريم حلال، هو شرط صحيح وواجب الوفاء به. فهم يفرقون بين الشرط الذي ينافي مقصود العقد (وهو باطل)، والشرط الذي لا ينافي مقصود العقد (وهو صحيح). فشرط عدم التزوج عليها هو شرط صحيح وواجب الوفاء به.

منهج الجمهور (الحنفية والمالكية والشافعية): يضيقون من معنى القاعدة، ويرون أن الشروط التي تضاف إلى العقد إذا كانت لا تتفق مع طبيعة العقد ومقاصده، فإنها باطلة. يرون أن اشتراط عدم الزواج بأخرى ينافي مقتضى العقد، لكنهم يعطون المرأة حقاً في طلب الطلاق إذا تزوج عليها، بسبب الضرر الواقع عليها.

الترجيح: الرأي الراجح والمناسب للعصر هو رأي الحنابلة، فهو يمنح الزوجة حماية شرعية قوية، ويشجع على الصدق والوضوح في بداية العلاقة الزوجية، مما يقلل من النزاعات المستقبلية.




                                     يتبع ....


     أ.د إبراهيم أحمد محمد الصادق






تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.